كلما تعددت وسائلُ الإعلامِ وتطورت، في ظلِ تقنيةِ المعلومات، تبقى الكلمةُ الصادقةُ، والفكرةُ الهادفةُ، مِصداقاً تميّزُ الإعلامَ المتزنَ عن غيره، جاء هذا في كلمة الأمانة العامة للعتبة العباسية المقدسة التي ألقاها رئيس قسم الشؤون الفكرية والثقافية فيها، السيد ليث الموسوي، ففي افتتاح الورشة الإعلامية النقدية لتطوير الدور الإعلامي في العتبات المقدسة، والتي أقامتها شعبة الإعلام في القسم المذكور بمناسبة مرور(10) أعوام على صدور جريدة صدى الروضتين ونشرتي الكفيل والخميس .
وأضاف: "من يدعي الصلاحَ في سياستهِ الإعلامية، دون أن يكون له أثرٌ خارجيٌ نزيه، فهو لا يخرجُ عن سمةِ أحد أمرين: إما جاهلٌ ضالّ أو مُغرضٌ مُضلّ..
فالسياسةٌ الإعلامية التي ترزحُ تحتَ أنماطِ العولمةِ الفكريةِ، دون وعي من لدُنِ صُناعِها، باتت أداةً تنخرُ مبادئَ الفكرِ القويم، والخُلقِ السليم
فلا يسعنا ــ والحال هذا ــ إلا أن نلتفتَ بوعيٍ لما تؤولُ إليه تلك السياساتُ، من نتائجٍ وآثارٍ خطيرةٍ على مجتمعاتِنا المحافظة، لنضعَ السُبُلَ الناجعةَ لتحصينِ المتلقي والحيلولةِ دونَ وقوعِه بفخاخِ المفسدين".
مضيفاً: "أخوتي الأكارم إن الذي يتفحصُ الواقعَ الإعلامي بدقةٍ، تظهرُ أمامَه ـ وبشكل جلي ـ أسبابُ تفشّي ظاهرة انتكاسِ الكثيرِ من وسائلِ الإعلامِ وبجميعِ أنواعِها (المقروء والمسموع والمرئي) والتي تعود لعواملَ بعضها رئيسة، والأخرى مكملة.
والمهم هنا معرفةُ العوامل الرئيسة التي لها التأثيرُ المباشرُ على الإرتقاءِ بالعملِ الإعلاميِ أو إنتكاسهِ، وهي كالآتي:
أوّلاً: مهنيةُ الكوادر الإعلامية، والتي لها تأثيرٌ إيجابيٌ على وعي وتطويرِ برامج العملِ الإعلامي، وبالتالي سيقطفُ أفرادُ المجتمعِ ثماره الفكرية والثقافية السليمة، فالإعلام كما هو معلوم لديكم أيها الأفاضل هو (فن إيصال المعلومة) وهذا يعني أن الإعلامَ صناعةٌ، لتوظيف العوامل الجمالية، ووسائل الإثارة والتشويق من أجل إقناع المتلقّي بالمعلومة التي يتبناها صُناع تلك الوسائل، ولهذا لابدّ أن تكون كوادرُنا الإعلامية على درجةٍ عاليةٍ من المهنيةِ والحرفنة بهذا المسعى.
وبخلافه سينتكسُ المشروعُ الإعلامي فيصبح بذلك عالةً على الواقعِ الإعلامي من جهة، وأداةً لتخريبِ المجتمعِ من جهة أخرى..
ثانياً: لابدّ من جلاءٍ ووضوحٍ لسياسةِ ومنهجيةِ الوسائلِ الإعلامية لدى كوادرها العاملة، على أن تكونَ تلك السياسةُ غيرَ مُخالفةٍ لثوابتِ ومبادئِ مجتمعاتِنا المحافظة.
ثالثاً: على الكوادرِ العاملةِ أن تنظرَ إلى العملِ الإعلامي على أنه رسالةٌ ومسؤولية، همُّها نشرُ الفكرِ الخلاّق، حينها ستكونُ مبدعةً بتجديدِ المعلومةِ وطريقةِ طرحِها لتأمنَ قوةَ تأثيرِها الإيجابي على المتلقي
وبخلافهِ ـ أي حينَ يُتخذُ من الإعلامِ مهنةً أو حرفةً للإسترزاقِ ـ بالتأكيد سوف لا نجني من هذهِ الكوادرِ غيرَ الجهدِ القلق، وغير الواعي، فتكونُ النتيجةُ هي إشترارُ المعلومةِ وتكرارِها، وهزالةُ أسلوبِ طرحِها، وبالتالي ضعفُ تأثيرِها على المتلقي إن لم تكن معدومة التأثير أصلاً..
رابعاً: السعيُ بجدٍّ لتطويرِ مهاراتِ كوادرنا الإعلامية ، سواء على المستوى المهني أو الفكري، ولا يكونُ ذلك إلا بتحصيلٍ واندفاعٍ ذاتي من قِبلِ نفسِ الكوادر.
ومن سُبل تطوير مهارات الجهد الإعلامي هو إشراك الكوادر بندوات وورشِ عمل، لتدارس الواقع الاعلامي وأنماط تطويره، وما هذا الجمع المبارك إلا مسعى مخلصٌ لتحقيق الارتقاء المنشود، فشكراً لكلّ من حضر ولكل من ساهم ويساهم في تعزيز واقعنا الإعلامي الواعي والنزيه.
هذا مجملُ ما نراهُ من العواملِ التي تؤثرُ سلباً أو إيجاباً على الواقعِ الإعلامي، سواء كان عاماً أو مختصاً، فإذا ما روعيت هذهِ العواملُ من قِبلِ الجهاتِ العاملةِ في هذا المضمار، سنحققُ بالتأكيد مشروعاً إعلامياً ناضجاً وواعياً في قوةِ تأثيرهِ الإيجابي على شرائحِ المجتمعِ وبالتالي خلقُ النموذجِ الأمثلِ للإعلامِ الصادق"..
مبيّناً: "ستكونُ مشاريعُنا الإعلامية رقماً صعباً بتأثيرِها الإيجابي، يفوقُ تأثيرَ هذا الكمِ الهائلِ من الوسائلِ الإعلاميةِ المغرضةِ والمنحرفةِ عن كلِ نواميسِ شرائعِ الأرض ومتبنياتها العقلائية، وذلك من خلالِ الثباتِ على المبادئ القويمة، والارتشافِ من مناهلِ أهلِ البيتِ(عليهم السلام) فلهم في كلِ حادثةٍ -من حوادثِ الدنيا- رأيٌ سديد، ومسارٌ مستقيم..
ومن بينِ تلك المشاريعِ الإعلاميةِ التي نفخرُ باستقامتِها وجليلِ أثرِها الطيب، مشروعُ جريدة (صدى الروضتين) التي تنوّعت صفحاتُها بمضامينَ نافعةٍ، مُحصّلها إغناءُ القرّاءِ بما يثري ثقافتَهم الملتزمة، والمتمثلة بمعرفةِ (شيء عن كلِ شيء مهمٍ ومفيد) نابذةً بذلك الترفَ الفكري الذي ينحو بالمتلقي إلى (الجهلِ المقنّع) فيَخالُ نفسَه مُثقفا وهو غيره".
وأكّد في ختام كلمته: "لا يسعنا ونحنُ نباركُ لها استمرارَها في مسيرةِ العطاءِ الإعلامي الواعي، إلّا أن ندعو لكادرِها الموقر، أن يديمَ عليهم الباري تعالى ألطافَه ونعمَه، ويمدَّهم بمزيدٍ من التوفيقِ والفلاحِ، وأن ينفعَ بهم ويسدّدَهم لخيرِ الأعمالِ".