الخطبة الثانية لصلاة الجمعة بإمامة الشيخ عبد المهدي الكربلائي في 20/ربيع الاول/1437هـ الموافق 1/كانون الثاني/2016م
الأمر الاول :
لقد تحرر في الايام الاخيرة معظم مدينة الرمادي مركز محافظة الانبار ، حيث سطر فيها مقاتلو القوات المسلحة ومن يساندهم من مقاتلي العشائر الاصيلة ، ملاحم البطولة والتضحية ، التي عكست ما يتحلى به هؤلاء المقاتلون الشجعان من مقومات الانتصار بامتلاك الارادة الوطنية والعقيدة الدينية للدفاع عن العراق ومقدساته مهما غلت التضحيات .
ان هذا الانتصار الكبير ، انما هو حصيلة تضحيات وبطولات الآلاف من احبتنا في الجيش والشرطة الاتحادية وابناء العشائر الغيورة ، بالاضافة الى ما مهّد له اعزتنا من المتطوعين ورجال العشائر بمختلف عناوينهم خلال الاشهر السابقة ، حيث دارت معارك شرسة امتدت على مساحات واسعة في المناطق المحيطة بمدينة الرمادي ، استنزفت كثيراً من قدرات عصابات داعش الارهابية .
ويأتي هذا الانتصار المهم ليفند مزاعم البعض من عدم امتلاك الجيش العراقي لإرادة القتال ، وانه لا يتمكن من تحقيق تقدم مهم على الارض ، فقد ثبت انه متى توفرت القيادة الحكيمة والشجاعة وتهيأت المعدات الضرورية لأية معركة وان كانت كبيرة ، فإن رجال القوات المسلحة ومن يساندهم من المقاتلين الآخرين ، سيخوضونها بكل ما اوتوا من عزم وارادة ، وسيكون الانتصار حليفهم لا محالة .
ونحن اذ نبارك لهؤلاء الابطال ، انتصارهم على الارهابيين ونبدي حزننا وأسفنا لما تسببت فيه المعارك الاخيرة من دمار مناطق واسعة من مدينة الرمادي ، نحثّ القيادات العسكرية في قواتنا المسلحة ومن يساندهم من المتطوعين ومقاتلي العشائر وابناء المناطق الرازحة تحت سطوة عصابات داعش على ان يستثمروا ظروف الهزيمة النفسية والعسكرية لهذه العصابات ويضعوا وينفذوا خططاً محكمة لتحرير بقية المناطق ، خصوصاً المدن المهمة لكي تخلّص اهاليها وتفوّت الفرصة على بعض الاطراف في محاولتهم تحقيق مكاسب غير مشروعة في العراق بالتحكم ببعض مناطقه .
ومع انقضاء عام وبدء عام جديد يجدر بالجميع ان يستلهموا الدروس والعبر مما مرّ على العراق والمنطقة برمتها في السنين السابقة، وبهذا الصدد نذكر اموراً :
قد آن الاوان للأطراف الداخلية والخارجية التي حاولت ان تتخذ من العنف وسيلة لتحقيق اهدافها السياسية من خلال استهداف المدنيين بالسيارات المفخخة والعبوات الناسفة والمجرمين الانتحاريين لغرض اشاعة الفوضى واشغال الاجهزة الامنية وتعطيل العملية السياسية ثم جربت الظاهرة الداعشية كوسيلة لتحقيق هذه الاهداف وقد فشلت في كل ذلك .
لقد آن الاوان لهذه الاطراف ان تعيد النظر في حساباتها وتترك هذه المخططات الخبيثة التي لم تؤدِ ولا تؤدي الا الى مزيد من الدمار ووقوع افدح الخسائر واعظم الاضرار في الارواح والممتلكات..
لاشك ان بعض السياسات الخاطئة التي انتهجتها بعض الاطراف الحاكمة وسوء الادارة وتفشي الفساد قد وفر اجواءً مساعدة لنمو وتفاقم الظاهرة الداعشية ومن هنا فقد آن الاوان للقوى السياسية التي تمسك بزمام السلطة ان تعزم على مراجعة سياساتها وادائها للفترة السابقة وان تدرك انه لا سبيل امامها لانقاذ البلد من المآسي التي تمر به الا المساهمة في اقامة الحكم الرشيد المبني على تساوي جميع المواطنين في الحقوق والواجبات .
ان من الضروري لإعادة الاستقرار الى المناطق التي تحررت من الارهاب الداعشي هو وضع خطة لإعمارها خصوصاً البنى التحتية والخدمات الاساسية كالمستشفيات والمدارس ومحطات الكهرباء والماء ونحوها وايضا اعادة النازحين وفق آلية ينسق فيها بين القوات الامنية واهالي هذه المناطق وعشائرها بما يضمن عدم تمكين العصابات الارهابية من العودة اليها من جديد وتشكيل خلايا نائمة يمكن ان تشكل خطراً عليها وعلى ما جاورها من المناطق .
الأمر الثاني :
تتوالى الشكاوى من اهالي محافظة البصرة وغيرها من استمرار النزاعات العشائرية المسلحة التي تخل بالأمن والاستقرار ويذهب ضحيتها العشرات من المواطنين الابرياء الذين لا دخل لهم بارتكاب جرائم القتل وغيرها ولكن يتم استهدافهم لكونهم من ابناء عشيرة المجرم ونحو ذلك .
ونحن اذ نجدد ادانتنا واستنكارنا لهذه الممارسات المخالفة لجميع المعايير الشرعية والوطنية والاخلاقية ونؤكد على حرمة كل عمليات القتل والترحيل القسري ونحوها ، ندعو القوات الامنية الى ان تمسك بزمام الامور وتمنع من كل ما يخل بأمن واستقرار المواطنين أياً كان مصدره .
اللهم اجعل عامنا هذا عاما تفرج فيه عن كرباتنا وتنصرنا فيه على اعدائنا وتصلح فيه احوالنا ، انك على كل شيء قدير .
|