تناول ممثل المرجعية الدينية العليا سماحة السيد أحمد الصافي خطيب وإمام الجمعة في كربلاء المقدسة في خطبته الثانية من صلاة الجمعة التي أقيمت في الصحن الحسيني الشريف في(10/ربيع الأول/1436هـ)الموافق(2/1/2015م) أمرين :
الأمر الأول:
نثمّن الانتصارات الأخيرة التي حققها جيشنا الباسل والإخوة المتطوعون ومن ساندهم من أبناء العشائر الغيورة...ونسال الله أن يعجل بتحرير جميع المناطق العراقية من شرور العصابات الإرهابية...كما ندعو في نفس الوقت إلى التحلي بالروح الأخلاقية العالية وضبط النفس وعدم التعدي على الممتلكات وتوخي الحذر الشديد خوفاً من استهداف الأبرياء والعزّل الذين لا حول لهم ولا قوة... كما نهيب بجميع القطعات المسلحة أن تأخذ الحيطة والحذر من محاولة العدو فتح مواقع قتالية وجبهات أخرى تعويضاً بائساً منه للخسارة التي قد لحقت به.
الأمر الثاني :
ونحن نستقبل عاماً جديداً نحب أن نوضح بعض الأمور:
أ- أن تسعى المؤسسات الحكومية والمدنية بتثبيت ثقافة المواطنة في نفوس الآخرين وأهمية العيش المشترك فإن في ذلك ضمانة أكيدة للتخلص من بعض المشاكل التي يمرّ بها البلد من دون تمييز بين طائفة وأخرى أو مكوّن وآخر... المقصود هو خلق جو لهذه الثقافة فيما أمكن من الوسائل المتاحة الإعلامية والاجتماعية.
ب- إن من أهم الأخطار التي يواجهها بلدنا الحبيب بالإضافة إلى خطر الإرهاب هو خطر الفساد المالي الذي أعاق كثيراً من التقدم الحضاري للبلد وتسبب في ضياع الكثير من فرص الازدهار والحياة الكريمة للمواطنين وهذا الداء الخطير لم يعالج إلى الآن بمعالجات حقيقية وجادة حتى آل الأمر أن يكون شبه ظاهرة عامة في كثير من مفاصل الدولة ومؤسساتها ولعل البعض لا يتحرج من أخذ المال العام بشتى الطرق بلا حياء أو وازع أو رادع مما يجعل نفسه رخيصة جداً لا تؤهله لأن يكون عنصراً فاعلاً في بناء الدولة، إن خسارتنا للإنسان أشد من خسارتنا للمال العام، على هذا البعض أن يدرك حقيقة أنه مأمون على مصالح الناس ومسؤول عما بيده وأنه إذا لم يصن الأمانة فسيخون نفسه قبل خيانة الآخرين وما أقبح للرجل أن تكون له رغبة تذلّه...
إن الإجراءات القانونية يجب أن تاخذ مسارها بلا هوادة وبلا توقف وأما الجهات الرقابية مسؤولة مسؤولية مباشرة عن متابعة ذلك ومحاسبة أي عنصر مقصّر مهما يكن موقعه فإن الغضّ عن ذلك يجر البلد إلى مزالق أكثر خطورة مما عليه الآن ...ويتفرع على ذلك الفساد الإداري أيضاً فإن بعض المواقع الإدارية للأسف لم تُشغَل وفق المعايير المهنية والعلمية بل عن طريق المحسوبيات والعلاقات الشخصية...ومعلوم أن إشغال المواقع المهمة لمن لا دراية له ولا خبرة سيؤدي إلى تعطيل كبير وأخطاء فادحة قد لا تتلافى أبداً ... وعلى هذا الاساس ندعو المسؤولين جميعاً أن يتجنبوا ذلك مهما أمكن ويبتعدوا عن توظيف من ليس أهلا ً لذلك أو يتخذوا بطانة لا تحسن التصرّف سواء من أقربائهم أم معارفهم أم غير ذلك فإن في ذلك ضرراً بليغاً على نفس المسؤول ولا يعفيه ذلك من المسؤولية بالإضافة إلى الضرر على المؤسسة .
إن العراق يزخر بطاقات علمية وثقافية ومهنية على المسؤول أن يتفش عنهم بنفسه بمقتضى مسؤوليته ويرغبّهم بالمواقع الجيدة والحساسة ضمن الضوابط القانونية من أجل النهوض بالعمل إلى أفضل حالة ممكنة ،إن هذين الأمرين مكافحة الفساد المالي والإداري سيساعدان على تجاوز الأزمة الناشئة من انخفاض موارد البلد بكل تأكيد.
ج- إن الوضع الاقتصادي للبلد الذي يعاني حالة من القلق يستدعي مجموعة أمور لكن ننبه إلى أمرين وهما :
الأول : هو ضغط النفقات إلى أدنى مستوى ممكن وترشيد الاستهلاك غير الضروري وجعل ذلك منهاجاً تسير عليه قطاعات الدولة جميعاً.
الثاني : هو دعم المنتوج المحلي وحمايته في القطاعين الزراعي والصناعي وقد ذكرنا سابقاً أهمية ذلك مع ملاحظة أن بعض الصناعات لا زالت تتمتع بجودة عالية كمعامل الألبسة والأنسجة ومصانع السكر والمواد الإنشائية وغيرها ... ولابد أن تُشجّع وتُدعم لتطويرها وإحالة التبضع عليها...وكذلك القطاع الزراعي إذ لا يخفى ما يتمتع به بلدنا من أراضٍ واسعة ومياه وفيرة تحتاج إلى تخطيط وعمل دؤوب وتطوير أساليب الزراعة الحديثة من مكننة وطرق ري وأمثال ذلك ...على الإخوة المسؤولين أن يكونوا فاعلين جداً في تحمّل هذه المسؤولية ...
د- إن بعض الوزارات قد زهدت ببعض أصحاب العقود المؤقتة ... عندما كانوا يعملون خلال هذه السنوات بسبب الميزانية ومشاكل الميزانية فإن بعض الوزارات قد أخلت مسؤوليتها عن العقود وبدأوا بفسخ هذه العقود... نقول إن الإخوة أصحاب العقود لهم حق على الدولة ولابد أن تفتش الوزارات أو الجهات عن منافذ حقيقية لرعاية هؤلاء... نحن لا نريد البطالة أن تزداد نحن نريد أن نحل مشاكل البطالة...هؤلاء من الذين توظفوا وأصبحت لديهم خبرات وأصبحوا نافعين ... لابد أن تستفيد الدولة منهم بكل ما يمكن الاستفادة منهم ...
نسأل الله سبحانه وتعالى التوفيق لهذا البلد والحمد لله رب العالمين...