تناول ممثل المرجعية الدينية العليا سماحة السيد أحمد الصافي خطيب وإمام الجمعة في كربلاء المقدسة في خطبته الثانية من صلاة الجمعة والتي أقيمت في الصحن الحسيني الشريف في( 13 محرم الحرام 1436هـ) الموافق( 7/11/2014م) تناول أمرين أبدأهما بالقول:
بدءاً اخواني وأخواتي نحمد الله تبارك وتعالى على سلامة الزائرين، ونتوجه نيابة عن الجميع بالشكر الجزيل لكل الاخوة الرسميين وغير الرسميين الذين بذلوا وسعهم من اجل الحفاظ على سلامة الزائرين وتوفير الاجواء المناسبة.. سواء كانت من جهة أمنية أم من جهة خدمية، ونسأله سبحانه وتعالى ان يُتم نعمه علينا دائماً، وأن يحفظ البلاد والعباد من شر الارهاب والارهابيين، وأن يجعل كيدهم في نحورهم آمين رب العالمين.
فان الانتصارات التي تحققت في بعض المناطق من قِبل الجيش العراقي والاخوة المتطوعين، لهي انتصارات كان ينتظرها الشعب العراقي الكريم مؤملاً بأبنائه البررة ان يكونوا دائماً في مواقع الانتصار، يدفعون عن العراق والعراقيين خطر الارهاب والارهابيين.. اخوتي اخواتي اعرض على مسامعكم الكريمة أمرين:
الأمر الاول :
ان التجربة السابقة خلال السنوات الماضية قد اثبتت ان الاختلافات السياسية بالشكل الذي كان فيه الاختلاف قد اضرت البلد كثيراً وأخرّته، ولم يتقدم في مجالات شتى ومن جملتها المجال العسكري والامني.. اذ ان التجاذبات القائمة بين الفرقاء السياسيين قد اثرت في طبيعة القرارات التي اتخذت ولم تراعى مصلحة البلد في بعضها، وقد انعكس ذلك سلباً عليها ولعل أخطرها هو تمكّن الارهابيين من الدخول الى العراق والسيطرة على مناطق معينة، وهذا يعني ان هناك مسؤولية جسيمة وعظيمة تقع على عاتق السياسيين في فهم المرحلة الحرجة التي يمر بها العراق، وفي مراعاة مصلحة البلد، وعدم ايصال الخلاف الى حالة الاحتراب او التضحية بتراب العراق او بوحدته، ومن هنا فإن الخلافات السياسية لها الاثر الكبير في عدم استقرار الوضع الامني، فكلّما توسع الخلاف بطريقة فئوية او حزبية او مناطقية او طائفية؛ فإن ذلك يؤثر سلباً على الامن في البلد.. بل ربما يؤثر على الاحتقان بين القواعد الشعبية لكل فريق، والنتيجة ستكون ليست لصالح أي فريق منهم.. بل سيكون العراق هو كبش الفداء لا سمح الله.
وهذا ما لا يرضى به أي عراقي غيور على وطنه، وحريص على وحدته وعلى الالفة بين ابنائه.. داعين الاخوة الساسة الى مراجعة شاملة لكثير من المواقف التي كانت لها ابعاد سلبية على البلد.
الأمر الثاني :
ان بعض المفاصل العسكرية والأمنية لم تُبنى بطريقة مهنية وعلمية خلال الفترة السابقة بسبب الخلافات السياسية من جهة والقصور او التقصير من جهة اخرى، وقد تكون هناك اسباب اخرى تتعدى الحالات المذكورة، ومن أهم تلك الاسباب هو تفشي الفساد المالي والاداري في بعض مفاصل هذه المؤسسة، مما فتح وفسح مجالا ً واسعاً لإضعافها، على اهميتها.. بل لعلها المؤسسة الأهم، بالرغم من الموارد المالية الهائلة التي اُنفقت عليها ولا زالت، فمن الواضح ان القوات العسكرية والأمنية هي المسؤولة بشكل مباشر عن حماية البلد من أي خطر خارجي او داخلي يمس أمن المواطنين، وهي المسؤولة عن الحفاظ على مؤسسات الدولة الاخرى، من ان يعبث بها العابثون بعيداً عن أي تأثير سياسي عليها، فكيف اذا كانت هذه المؤسسة غير بعيدة عن الفساد وما الذي حصل .. نعتقد ان ما حصل من تدهور امني قبل اشهر هو الكفيل بالإجابة عن ذلك..
ان الموضوعية تقتضي ان يتسنم المواقع العسكرية المختلفة من يكون مهنياً ووطنياً ومخلصاً وحازماً وشجاعاً، لا يتأثر في اداء واجبه بالمؤثرات الشخصية او المادية..
اننا في الوقت الذي نشد على ايادي ابنائنا المخلصين وهم كثر في القوات المسلحة؛ نتمنى ان تعالج بعض المشاكل التي تُضعف هذه المؤسسة والقضاء على كل مظاهر الفساد وان صغرت فإن صغير الفساد كبير، وما الانتصارات الاخيرة الا شاهد على امكانية هذه القوات البطلة ان تكون بمستوى المسؤولية في دحر الارهاب والارهابيين.. مصرّة على النصر النهائي بعون الله تعالى .. واثقة بنفسها .. مطمئنة بهدفها .. معتقدتاً بمشروعية ما تقوم به وهو الدفاع عن العراق كل العراق..
اخذ الله تعالى بأيدي ابنائنا في القوات المسلحة والاخوة المتطوعين اخذ الله بأيديهم لنصرة هذا البلد والى مزيد من الانتصارات حتى تكسر شوكة الحقد والحاقدين والارهاب والارهابيين، وجعل الله هذا البلد وبلاد المسلمين في مأمن ان شاء الله تعالى .. والحمد لله رب العالمين ..