السؤال1: ورد في زيارة عاشوراء للإمام الحسين (ع ): (وأسأل الله ...أن يعطيني بمصابي بكم أفضل ما يعطي مصاباً بمصيبته مصيبةً ما أعظمها ..) ما إعراب كلمة ( مصيبة)؟
الجواب: الظاهر إنها بدل من ( مصيبة ) في قوله ( بمصيبته ) وان كانت هذه معرفة بإضافتها إلى الضمير إذ لا يعتبر توافق البدل والمبدل في التعريف والتنكير فيكون من قبيل قوله تعالى : {.. صِرَاطٍ صِرَاطِ .. } (الشورى :مُسْتَقِيمٍ ٥٢ – ٥٣)، وقوله: {.. نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ ..} (الفلق : ١٥ – ١٦)، وحينئذٍ تكون بِالنَّاصِيَةِ الكلمة مجرورة قضاءً للتبعية، وقد تخرج على أنها لمبتدأ محذوف تقديره ( هي مصيبةٌ ) فتكون مرفوعة من قبيل قوله تعالى: { لاَ يَغُرَّنَّكَ مَتَاعٌ قَلِيلٌ } (آلتَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلاَدِ عمران : ١٩٦ – ١٩٧)، أو معمول لفعل محذوف تقديره ( كانت مصيبةً .. ) أو ( أصاب مصيبةً ) فتكون منصوبة ولكن في ذلك تكلف.
السؤال2: بمناسبة زيارة الأربعين للإمام الحسين (ع) ومرور الزائرين على المواكب الحسينية ومكثهم عندها وبسبب التعب والإرهاق فإنهم كثيراً ما ينسون حاجياتهم لدى المواكب، ولكن هناك صعوبة تحصيل أصحابها لعدم وجود آثار تدل على أصحابها. فما هو تكليف أصحاب تلك المواكب؟
الجواب: مع اليأس من الوصول إلى صاحبها يتصدق بها على الفقراء المتدينين.
السؤال3: هنالك ظاهرتان تحصلان كل عام في المسير إلى كربلاء في زيارة أربعينية الإمام الحسين (ع):
١- سير الأخوة الوافدين إلى كربلاء المقدسة على الطريق المخصص للسيارات، فهل يجوز ذلك مع العلم أن الطريق ( سايد واحد فقط )؟
٢- يضع الإخوة أصحاب المواكب الذين يقومون بخدمة زائري الإمام الحسين (عليه السلام) حواجز في طريق السيارات لتخفيض السرعة حفاظاً على الزائرين، فهل يجوز ذلك؟
الجواب: ١- ينبغي تنظيم المسير بحيث ينتفع منه الطرفان.
٢- لا مانع من ذلك بالتنسيق مع شرطة المرور.
السؤال4: ما تقولون في بكاء النساء بصوت عال في مجالس العزاء في حين يكون المجلس مشترك من الرجال والنساء وطبعاً تُسمع أصوات النساء مما يلفت نظر الرجال وقد يميز بعض الرجال صوت من يبكي بحيث يعرف به من هي الباكية؟
الجواب: إسماع المرأة صوت بكائها للرجل الأجنبي ليس محرماً في حد ذاته.
السؤال5: هل يجوز للحائض والنفساء والمستحاضة أن تحضر في مجالس تعزية الحسين (ع) أو في مجالس ذكريات باقي المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين؟
الجواب: يجوز .
السؤال6: --- توجيهات بخصوص زيارة أربعين الإمام الحسين ( عليه السلام ) ---
بسم الله الرحمن الرحيم
سماحة المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني ( دام ظلّه الوارف )
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عظّم الله لكم الأجر ..
ونحن نتوجّه الى كربلاء المقدّسة بمناسبة أربعينية الإمام سيد الشهداء ( عليه السلام ) ،نحتاج إلى توجيهات أبوية بهذه المناسبة العظيمة لتكون الفائدة أكبر والجزاء أعظم وللتنبيه عمّا نغفل عنه أو لا نعلم أجره .
نأمل أن يكون التوجيه لكافة شرائح المجتمع .
أدام الله نعمة وجودكم المبارك إنّه سميع قريب ونسألكم الدعاء .
جمعٌ من المؤمنين
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين ..
وبعد فإنه ينبغي أن يلتفت المؤمنون الذين وفقهم الله لهذه الزيارة الشريفة انّ الله سبحانه وتعالى جعل من عباده أنبياء واوصياء ليكونوا أسوة وقدوة للناس وحجّة عليهم فيهتدوا بتعاليمهم ويقتدوا بأفعالهم. وقد رغّب الله تعالى إلى زيارة مشاهدهم تخليداً لذكرهم واعلاء لشانهم وليكون ذلك تذكرة للناس بالله تعالى وتعاليمه وأحكامه ، حيث إنهم كانوا المثل الأعلى في طاعته سبحانه والجهاد في سبيله والتضحية لأجل دينه القويم.
وعليه فإنّ من مقتضيات هذه الزيارة : ـــ مضافاً إلى إستذكار تضحيات الإمام الحسين ( ع ) في سبيل الله تعالى ـــ هو الإهتمام بمراعاة تعاليم الدين الحنيف من الصلاة والحجاب والإصلاح والعفو والحلم والادب وحرمات الطريق وسائر المعاني الفاضلة لتكون هذه الزيارة بفضل الله تعالى خطوة في سبيل تربية النفس على هذه المعاني تستمر آثارها حتى الزيارات اللاحقة وما بعدها فيكون الحضور فيها بمثابة الحضور في مجالس التعليم والتربية على الإمام (ع).
إننا وإن لم ندرك محضر الأئمة من أهل البيت ( عليهم السلام ) لنتعلم منهم ونتربى على أيديهم الإّ أنّ الله تعالى حفظ لنا تعاليمهم ومواقفهم ورغّبنا إلى زيارة مشاهدهم ليكونوا أمثالاً شاخصة لنا واختبر بذلك مدى صدقنا فيما نرجوه من الحضور معهم والإستجابة لتعاليمهم ومواعظهم ، كما اختبر الذين عاشوا معهم وحضروا عندهم ،فلنحذر عن أن يكون رجاؤنا أمنية غير صادقة في حقيقتها ، ولنعلم أننا إذا كنّا كما أرادوه ( صلوات الله عليهم ) يرجى أن نحشر مع الذين شهدوا معهم، فقد ورد عن أمير المؤمنين (ع) أنّه قال في حرب الجمل : أنه ( قد حضرنا قوم لم يزالوا في أصلاب الرجال وأرحام النساء ) . فمن صدق في رجائه منا لم يصعب عليه العمل بتعاليمهم والإقتداء بهم ، فتزكّى بتزكيتهم وتأدب بآدابهم .
فالله الله في الصلاة فإنها ـــ كما جاء في الحديث الشريف ـــ عمود الدين ومعراج المؤمنين إن قُبِلت قُبِلَ ما سواها وإن رُدّت رُدَّ ما سواها، وينبغي الإلتزام بها في أول وقتها فإنّ أحبّ عباد الله تعالى إليه أسرعُهم استجابة للنداء إليها ، ولا ينبغي أن يتشاغل المؤمن عنها في اول وقتها بطاعةٍ أخرى فإنها أفضل الطاعات ، وقد ورد عنهم (ع) : ( لا تنال شفاعتنا مستخفّاً بالصلاة ). وقد جاء عن الإمام الحسين (ع) شدّة عنايته بالصلاة في يوم عاشوراء حتى إنّه قال لمن ذكرها في أول وقتها : (ذكرت الصلاة جعلك الله من المصلّين الذاكرين) فصلّى في ساحة القتال مع شدّة الرمي .
الله الله في الإخلاص فإنّ قيمة عمل الإنسان وبركته بمقدار إخلاصه لله تعالى ، فإنّ الله لا يتقبّل الإّ ما خلص له وسلم عن طلب غيره. وقد ورد عن النبي (ص) في هجرة المسلمين إلى المدينة أنّ من هاجر إلى الله ورسوله فهجرته إليه ومن هاجر إلى دنيا يصيبها كانت هجرته إليها ، وان الله ليضاعف في ثواب العمل بحسب درجة الإخلاص فيه حتّى يبلغ سبعمائة ضعف والله يضاعف لمن يشاء . فعلى الزوار الإكثار من ذكر الله في مسيرتهم وتحرّي الإخلاص في كل خطوة وعمل ، وليعلموا ان الله تعالى لم يمنَّ على عباده بنعمة مثل الإخلاص له في الإعتقاد والقول والعمل ، وان العمل من غير إخلاص لينقضي بانقضاء هذه الحياة وأمّا العمل الخالص لله تعالى فيكون مخلّداً مباركاً في هذه الحياة وما بعدها .
الله الله في الستر والحجاب فإنّه من أهمّ ما اعتنى به أهل البيت (عليهم السلام) حتّى في أشدّ الظروف قساوة في يوم كربلاء فكانوا المثل الأعلى في ذلك ، ولم يتأذّوا (ع) بشيء من فعال أعدائهم بمثل ما تأذّوا به من هتك حُرَمهم بين الناس، فعلى الزوار جميعاً ولا سيّما المؤمنات مراعاة مقتضيات العفاف في تصرفاتهم وملابسهم ومظاهرهم والتجنب عن أي شيء يخدش ذلك من قبيل الألبسة الضيّقة والإختلاطات المذمومة والزينة المنهىّ عنها ، بل ينبغي مراعاة أقصى المراتب الميسورة في كل ذلك تنزيهاً لهذه الشعيرة المقدّسة عن الشوائب غير اللائقة.
نسأل الله تعالى أن يزيد من رفعة مقام النبي المصطفى (ص) وأهل بيته الأطهار( عليهم السلام ) في الدنيا والآخرة بما ضحّوا في سبيله وجاهدوا بغية هداية خلقه ويضاعف صلاته عليهم كما صلّى على المصطفين من قبلهم لا سيما ابراهيم وآل ابراهيم كما نسأله تعالى أن يبارك لزوار أبي عبد الله الحسين (ع) زيارتهم ويتقبلها بأفضل ما يتقبل به عمل عباده الصالحين حتّى يكونوا في سيرهم وسيرتهم في زيارتهم هذه وما بقي من حياتهم مثلاً لغيرهم وأن يجزيهم عن أهل بيت نبيّهم ( عليهم السلام ) خيراً لولائهم لهم واقتدائهم بسيرتهم وتبيلغ رسالتهم عسى أن يُدعَوا بهم ( عليهم السلام ) في يوم القيامة حيث يدعى كل أناس بإمامهم وأن يحشر الشهداء منهم في هذا السبيل مع الحسين (ع) وأصحابه بما بذلوه من نفوسهم وتحمّلوه من الظلم والاضطهاد لأجل ولائهم إنّه سميع مجيب .
السؤال 7: في يوم العاشر من محرم الحرام بعض النسوة يقمن بجرّ شعورهن فهل يجوز ذلك وهل تجب عليهن الكفارة؟
الجواب: يجوز ولا كفارة عليهن.
السؤال8: هل يجوز للمرأة أن تلطم وجهها وتنثر شعرها في العزاء الحسيني؟
الجواب: يجوز .
السؤال9: هل يجوز للفتاة أو المرأة المتزوجة أن تذهب إلى المسجد لحضور صلاة الجماعة وسماع المحاضرات الدينية ومجالس العزاء الحسيني إذا لم يرض الأب أو الزوج بذلك، أو إذا عارض حضورها حقوق زوجها أم لا يجوز؟
الجواب: أما المتزوجة فلا يجوز لها الخروج من بيتها إلا بإذن زوجها وأما غير المتزوجة فإن كان خروجها موجباً لتأذي أبيها شفقة عليها من بعض المخاطر لم يجز لها الخروج أيضا.
السؤال10: هل يجوز للمرأة أن تقرأ التعزية في منازل قريبة من الشوارع العامة التي يحتمل احتمالاً قوياً مرور أجانب من الرجال بحيث يسمعون صوتها؟
الجواب: إذا كان صوتها بما يشتمل عليه من الترقيق والتحسين مهيجاً عادة للسامع فاللازم التجنب عن ذلك مع إحراز سماع الأجنبي لصوتها وإلاّ فلا بأس به (وقد مر حسن الاحتياط والاجتناب).
السؤال11: ما المراد بالتلذذ أو التهيج عند الاستماع لقارئة العزاء ؟ وإذا تهيج البعض دون الآخر كيف يكون الحكم؟
الجواب: المراد بالتلذذ والتهيج ما يكون جنسياً، والعبرة في الإسماع بما إذا كان الصوت مهيجاً للنوع، وفي الاستماع بما إذا كان موجباً لتلذذ المستمع بشخصه.
السؤال12: هل يجوز لقارئة العزاء (وكذا الأناشيد الإسلامية) إسماع صوتها للرجل الأجنبي؟ وهل يجوز له الاستماع لصوتها؟ أو السماع غير المتعمد كما لو أقيم مجلس للنساء عند الجيران وهو في بيته؟
الجواب: يجوز لها إسماع صوتها للأجنبي إذا كان خالياً عن الترقيق والتحسين المهيج له.
ويجوز له الاستماع إلى صوتها مع عدم التلذذ الشهوي والريبة، ولم يخف على نفسه الوقوع في الحرام.
وينبغي الاحتياط في مواضع الشك، بل الأولى عدم الإسماع والاستماع من غير ضرورة والله العاصم.
السؤال13: هل يفضل الخروج بموكب العزاء مبكراً بثلة قليلة من المعزّين والانتهاء قبل وقت صلاة الفريضة أو الانتظار ليتجمع المعزين متأخرين عندها يصادف وقت الفريضة قبل إتمام مراسم العزاء؟
الجواب: يمكن الانتظار إلى حين تجمع عدد اكبر من المعزين ولكن ينبغي قطع مراسم العزاء حين دخول وقت الصلاة لأدائها ثم الاستمرار فيها بعد ذلك.
السؤال14: هل يجب قطع التعزية (العزاء/الموكب) والمبادرة إلى الصلاة (الظهر مثلاً) عندما يحين الوقت؟ أو إتمام مراسم التعزية؟ وأيهما أولى؟
الجواب: الأولى أداء الصلاة في أول وقتها، ومن المهم جداً تنظيم مراسم العزاء بنحو لا يزاحم ذلك.
السؤال15: ما حكم استعمال الطبل والبوق ونحوهما من الآلات في مواكب العزاء؟
الجواب: لا مانع من استخدامها في مواكب العزاء ونحوها على الطريقة المتعارفة مع كونها من الآلات المشتركة وليس من آلات اللهو المحرم.
السؤال16: يقام العزاء الحسيني في منطقتنا على طريقة العزاء البحريني، بمعنى احتواء العزاء على أطوار أو ألحان مختلفة ولربما شابه أحد هذه الألحان الغناء المتعارف في مجالس اللهو أو في غيرها فهل يجوز استعمال هذه الألحان والأطوار في العزاء الحسيني أم لا؟
الجواب: إذا لم يعلم كون تلكم الألحان من الألحان المتعارفة عند أهل اللهو واللعب جاز استخدامها في قراءة التعزية ، وإذا علم ذلك لم يجز.
السؤال17: ما حكم فتح الأماكن التجارية في أيّام تاسوعاء وعاشوراء أبي الأحرار سلام الله عليه؟
الجواب: إذا عدّ نوعاً من عدم المبالاة بما جرى على أهل البيت (ع) في هذين اليومين الحزينين فلا بدّ من تركه.
السؤال18: هناك بعض الأقراص الحسينية (الليزرية) يظهر فيها بعض الشباب من دون ارتداء القميص فهل يجوز للنساء مشاهدة تلك الأقراص؟
الجواب: لا يجوز للمرأة النظر إلى ما لا يتعارف النظر إليه من بدن الرجل مثل الصدر والبطن ونحوهما على الأحوط.
السؤال19: قد يقوم بعض المؤمنين في شهري محرم وصفر بل في عموم أيام المناسبات الحزينة ببعض الأعمال التي قد لا تكون مناسبة، منها على سبيل المثال: الزواج، الانتقال إلى بيت جديد، شراء أشياء جديدة كالأثاث والملابس وغيرها، والتزين في البدن واللباس، ابتداء مشاريع جديدة، وغير ذلك. فما هو الموقف الشرعي المناسب لذلك؟
الجواب: لا يحرم ممارسة ما ذكر في أيام المناسبات إلاّ ما عُدَّ هتكاً كإقامة الفرح والزينة في اليوم العاشر.
نعم ينبغي أن لا ينفذ في أيام مصائب أهل البيت (ع) وحزنهم ما لا يوقعه الإنسان عادة في أيام حزنه ومصابه بأحبائه إلاّ ما اقتضته الضرورة العرفية، فيختار وقتاً أبعد عن المساس بمقتضيات العزاء والحزن. والله الموفق.
السؤال20: تقام في منطقتنا العديد من المجالس الحسينية لعدد كبير من المآتم وذلك بمناسبة الذكرى السنوية لشهادة سبط الرسول الأعظم (ص) وأصحابه الأبرار، وتفاعل المؤمنين وتفانيهم بحب أهل البيت (ع) جعلهم يدعمون المآتم وذلك بالمشاركة في المجالس الحسينية وتقديم الدعم المادي السخي والمعنوي لتلك المجالس. حيث تعقد العديد من المجالس في وقت واحد وفي أوقات متقاربة بالنسبة للمجموعات الأخرى وأغلب هذه المجالس تقدم وجبات الطعام (الأرز) وذلك منذ الصباح الباكر (الساعة ٧ صباحاً) إلى ما بعد الظهر (الساعة الثانية والنصف)، مما سبب حالة من رمي معظم هذا الأكل في أماكن النفايات. فما هو نظركم الشريف في ذلك؟
الجواب: التبذير مبغوض ومحرّم شرعاً فلابد من اتخاذ الإجراءات اللازمة للمنع منه ولو كان ذلك بالتنسيق بين أصحاب المآدب ليوفر من الطعام بمقدار ما يتيسر صرفه.
السؤال21: ما هو رأي سماحة سيدنا ومرجعنا بصحة الحديث الوارد عن الإمام جعفر الصادق (ع) :
(من بكى أو تباكى على الحسين (ع) وجبت له الجنة) ؟
الجواب: نعم ورد في أحاديث متعددة ـ جملة منها معتبرة ـ الوعد بالجنة لمن بكى على الحسين (ع ) كما في بعضها مثل ذلك لمن تباكى عليه أو أنشد شعراً فتباكى عليه.
ولا غرابة في ذلك إذ الوعد بالجنة قد ورد في أحاديث الفريقين في شأن جملة من الأعمال، ومن المعلوم أنه لا يراد بذلك أن يشعر المكلف بالأمان من العقوبة حتى لو ترك الواجبات وارتكب المحرمات، وكيف يشعر بذلك مع ما ورد من الوعيد المغلظ في الآيات بالعقوبة على مثل ذلك، بل المفهوم من هذه النصوص في ضوء ذلك أن العمل المفروض يجازى عليه بالجنة عند وقوعه موقع القبول عنده سبحانه، وتراكم المعاصي قد يمنع من قبوله قبولاً يفضي به إلى الفوز بالجنة والنجاة من النار.
وبتعبير آخر : إن العمل الموعود عليه يمثّل نقطة استحقاق للجنة، وفاعلية هذه النقطة تماماً منوطة بأن لا يكون هناك نقاط مقابلة توجب استحقاق النار بارتكاب الأعمال التي أوعد عليها بها.
وأما ثبوت هذه المكانة للبكاء على الحسين (ع ) : فلأن البكاء يعبر عن تعلقات الإنسان وكوامن نفسه تعبيراً عميقاً، لأنه إنما يحدث في أثر تنامي مشاعر الحزن وتهيّجها لتؤدي إلى انفعال نفسي يهز الإنسان، ومن ثم فإن البكاء على الإمام (ع) يمثل الولاء الصادق للنبي (ص) وأهل بيته الأطهار وللمبادئ التي نادى بها ودعا إليها واستشهد لأجلها، ومن المشهود أن حركته (ع) قد هزت التاريخ وزلزلت عروش الطغاة ورسخت القيم الإسلامية في قلوب المؤمنين، ولم يحدث ذلك إلاّ في أثر التمسك والتعلق بذكره نتيجة حث أئمة أهل البيت (ع) بمثل هذه الأحاديث.
وأما التباكي فليس المراد به إظهار البكاء أمام الآخرين بل هو بمعنى تكلّف الإنسان البكاء على ما يراه حقيقاً به، ولكنه يواجه لحظة جفاف في قلبه ومشاعره فيتكلف البكاء عسى أن يستجيب قلبه وتتدفق مشاعره لنداء عقله، وبهذا المعنى أيضاً ورد الوعد بالجنة لمن بكى أو تباكى عند ذكر الله سبحانه وتعالى كما نبه عليه غير واحد منهم : العلامة المقرم (ره) في مقتل الحسين(ع).