نظراً لما تملكه كوادر قسم متحف الكفيل في العتبة العباسية المقدسة من خبرة تراكمية في مجال صيانة وترميم السجاد اليدوي القديم، ولكون هذه الكوادر هي الوحيدة في العراق التي خاضت غمار هذه الحرفة وامتهنتها بدقّة عالية فقد استعانت بها مديرية دائرة التراث التابعة لوزارة السياحة العراقية من أجل ترميم وصيانة جميع السجاد اليدوي العائد لها، والذي يعود لحقبٍ وفترات زمنية مختلفة ويُعدّ من النوعيات الفاخرة وذات القيمة التراثية العالية، فبعد أن كانت هذه الثروة أسيرة الرفوف وعرضة للتلف والانقراض امتدّت لها أيدي الخيّرين من خَدَمَة أبي الفضل العباس(عليه السلام) لانتشالها وإعادتها لشكلها ووضعها الذي يجب أن تظهر به وتكون عليه، حيث تأتي هذه الخطوة من بين العديد من الخطوات الهادفة للحفاظ على تراث العراق ودعماً منها للثقافة الأثرية والتي تُعدّ جزءً من هويته التاريخية.
مسؤول قسم المتحف الأستاذ صادق لازم تحدّث لشبكة الكفيل عن هذا المشروع قائلاً: "امتلكت كوادر قسم المتحف في العتبة العباسية المقدسة خبرة في المجال المتحفي ومن هذه المجالات ترميم وصيانة السجاد، حيثُ تمَّ زجُّ منتسبينا بدوراتٍ على يد أمهر الخبراء في هذا المجال، خصوصاً بعد نجاحنا في ترميم سجاد متحف الكفيل للنفائس والذي فاق تصوّرات جميع من اطّلع عليه، وذلك للحرفية والدقة المتناهية في الترميم والصيانة والمتماشي مع ما معمول به عالمياً، ومن أجل توظيف هذه الخبرات والعمل على الاستفادة منها ولا تكون مقتصرة فقط على العتبة المقدسة التي وافقت على أن يُبدي قسم المتحف تعاونه التام مع مديرية دائرة التراث التابعة لوزارة السياحة العراقية، وأن يسخّر جميع طاقته وإمكانياته الفنية والحرفية من أجل الحفاظ على هذا الإرث وبدون أيّ مقابل أو أجور".
وأضاف: "يبلغ عدد السجاد اليدوي العائد لمديرية دائرة التراث (270سجادة يدوية) وهو جميع ما تمتلكه دائرة التراث، ويُعدّ المادة التراثية الوحيدة للمتحف العراق ولا يوجد غيرها، وهي من النوعيات الفاخرة التي تعود لحقبٍ زمنية مختلفة وذات رسومٍ وتصاميم ونقوش جميلة، وهذا ما شجّعنا أكثر على مواصلة أعمال الصيانة والإدامة لها، وتُعدّ كذلك من المصادر الدراسية القيّمة والغنية للباحثين وعشاق فنّ حياكة السجاد اليدوي".
وبيّن لازم: "أنّ الأعمال تشمل إجراء عملية مسح على السجاد يتمّ من خلال تحديد نوعية وحجم كلّ سجادة إضافة لحلّتها وطبيعة ضررها ودرجته، بعد ذلك يتمّ تعريضها الى ضوء الشمس المباشر ولفترة زمنية محدّدة، بعدها تتمّ عملية الترميم وتشمل وضع السجاد على نوعٍ خاص من القماش يُركّب بطريقة خاصة على الجزء الأسفل من (ظهر السجادة) ويكون بنفس قياسها، بعدها نقوم بعملية(درز) وخياطة الأجزاء مع بعضها، وهي عملية تجري بدقّة عالية ويكون إجراؤها يدويّاً، لكون أنّ بعض هذا السجاد تالف وقد فَقَدَ بعض أجزائه، بعد هذه العملية تتمّ معالجته بمواد كيمائية خاصّة للتخلّص من فطريات التعفّن به وحشرة (العثّة) وغيرها، ومن ثمّ توضع على كلّ سجادة هويتها، وهي قطع قماش صغيرة تدوّن فيها المعلومات الخاصة بالسجادة ومن ثمّ تطوى بطريقة خاصّة أيضاً على اسطوانات قمنا بتصنيعها خصّيصاً حسب حجم كلّ سجادة".
متابعاً: "لم يقتصر عملنا على الترميم والصيانة وحسب بل قمنا كذلك بخلق بيئة مخزنية مناسبة تتلاءم وهذه المادة وحسب ما معمول به عالمياً في خزن السجاد، بدءً من تهيئة المكان ورشّه ومكافحته بالمبيدات التي تمنع تعرّض السجاد لأيّ أضرار مستقبلية، حتى وضعه على المحامل التي تمّ تصنيعها من قبل كوادرنا أيضاً، إضافة الى عمل برنامج الكتروني خاص بالسجاد عن طريق قاعدة بيانات كاملة، وهو شبيه بالبرنامج المتّبع في متحف العتبة العباسية المقدسة، حيث يحوي على رقم (كود) بكلّ سجادة وأبعادها ومنشئها مع صورةٍ لها، وتكون هذه مع القطعة المثبّتة على السجادة بمثابة الهوية التعريفية لها والتي يتمّ من خلالها التعرّف على معلوماتها كافة".
واختتم لازم حديثه: "بعد الانتهاء -إن شاء الله- من هذا المشروع نكون قد هيّأنا الأرضية لعمل متحفٍ عراقيٍّ خاص بالسجاد كونه يهدف الى إحياء هذا الجانب المهم من التراث الذي يُعتبر ركناً مهماً من الإرث العراقيّ حتى لا يتعرّض للزوال والاندثار، كما يهدف الى جلب أنظار أفراد المجتمع ومثقّفيه الى هذا الفن المهمّش وإظهار هذه الهوية العراقية".