الشيخ الكربلائي يوصي القيادات السياسية والأجهزة الأمنية أن يكونوا على مستوى من اليقظة والØذر ويدعو الى وضع الخطط المناسبة للعمليات الإرهابية
نذكر في الخطبة الثانية الأمور التالية :
الأمر الأول :
في هذا الوقت الذي يجري فيه حشد جهود دولية لمحاربة تنظيم (داعش) الإرهابي... نجد من الضروري الإشارة الى ان تمدد رقعة هذا التنظيم الى أكثر من دولة وبشاعة جرائمه ووحشيتها وانتهاكاته لجميع القيم الإنسانية والدينية وعدم استثنائه لأي احد من أعماله المخزية ولا سيما الأقليات الدينية وإمكانية امتداداه الى دول ومناطق أخرى.. وإن كان يستدعي تظافر ومشاركة جهود دول عديدة لإيقاف مخاطره وانتهاكاته..
ولكن هناك عدة أمور لابد من ملاحظتها :
1- يتعين على القيادات السياسية في البلد ان يكونوا على مستوى من اليقظة والحذر والوعي لئلا تُجْعَلَ المساعدة الخارجية لمحاربة (داعش) مدخلا للمساس باستقلالية القرار السياسي والعسكري للقادة العراقيين.. وان لا يُتَخَذّ التنسيق والتعاون مع الجهد الدولي في هذا المجال ذريعة لهيمنة القرار الأجنبي على مجريات الإحداث في العراق خصوصا المجريات العسكرية الميدانية.
ان العراق وان كان بحاجة الى مساعدة الأشقاء والأصدقاء في محاربة ما يواجههُ من الإرهاب الأسود إلا أنّ الحفاظ على سيادته واستقلاليةِ قراره يحظى بأهمية بالغة فلابد من رعاية ذلك في كل الأحوال.
2- ان الحاجة الى التعاون الدولي لمحاربة (داعش) لا يعني عدم قدرة أبناء الشعب العراقي وقواته المسلحة على المقابلة مع هذا التنظيم الإرهابي، فقد أثبتت الشهور الماضية بعد صدور نداء المرجعية الدينية العليا بوجوب الدفاع عن العراق ومقدساته...وما أعقبه من الاستجابة الواسعة للمواطنين وما حصل من تقدم ميداني على الأرض، انه متى ما توفرت الإرادة الوطنية الخالصة وكانت مبادئ التضحية والدفاع عن الوطن هي الباعث والمحرك للمقاتلين وقادتهم الميدانيين..(فان أبناء هذا البلد قادرون بعون الله تعالى على الوقوف بوجه هذا التنظيم ودحره وإن طالت المعركة بعض الوقت)..
فلابد من تعزيز معنويات أعزائنا في الجيش ومن التحق بهم من المتطوعين و التأكيد على إنهم همُ الأساس في حماية البلد من شر الإرهابيين وان أي جهد آخر لا يكونُ الا عاملا مساعداً لهم يُعَجِّلُ في نصرهم ان شاء الله تعالى.
3- ان الجهد العسكري وان كان مؤثراً في الحد من ظاهرة الإرهاب الا انه لوحده ليس كافياً للقضاء عليها بل لابد من معالجة الجذور الأساسية لنشوء هذه الظاهرة واستفحالها في عدة دول مع إمكانية امتدادها الى دول اخرى حتى المتقدمة في إمكاناتها العسكرية والأمنية.
ان الفكرَ المتطرف الذي يُقصي الآخر أياً كان ولا يقبلُ بالتعايش السلمي معه بل يُحلُّ دمَهُ وعِرضهُ وماله... هذا الفكرُ المتطرف الذي جرى الترويج له ودعمه عن طريق آلاف المؤسسات والدعاة خلال عقود من الزمن هو العاملُ الأساس لِما اُبتليتْ به المنطقة والعالمُ من الإرهاب التكفيري..فمن الضروري الاهتمام بمعالجة المناشئ الفكرية والثقافية لهذه الظاهرة الخطيرة بالإضافة الى ضرورة قَصْر يد المتطرفين عما يمتلكونها من وسائل إعلامية عالمية وتجفيف منابع الأموال الطائلة التي تدعم أنشطتهم..
ان هذه الامور تمثل اسباباً مهمة يجبُ معالجتها حتى يمكنَ إيقاف هذه الظاهرة وتأثيراتها الخطيرة على دول المنطقة والعالم.
الأمر الثاني :
زار وفد من عشائر ووجهاء مدينة الضلوعية العتبة الحسينية المقدسة هذه المدينة الصامدة التي ما زالت تقاتل عصابات (داعش) منذ تسعين يوماً وقدمت المئات من الشهداء والجرحى من الرجال والنساء والأطفال..
على الرغم من قلة إمكاناتها وسلاحها وعتادها..
ها هي اليوم تتعرض للقصف من قبل عصابات (داعش) بغاز الكلور والهجمات المستمرة بمختلف الأسلحة يستغيث أهلها – وهم إخواننا وأبناء بلدنا- لنصرتهم والوقوف الى جانبهم في محاربة هذه العصابات التكفيرية فالمطلوب من قواتنا الباسلة وطيران الجيش الإسراع بدعم ونصرة هؤلاء المقاتلين في هذه المدينة وفك الحصار عنهم لئلا تستباح هذه المدينة كما استبيحت مدن أخرى.
الأمر الثالث:
ما يتعلق بالتفجيرات الأخيرة في بغداد والكاظمية وغيرهما من المدن ... نوصي الأجهزة الأمنية المكلفة بحماية المناطق السكنية داخل المدن وخصوصاً المدن المقدسة باليقظة والتنبّه ووضع الخطط المناسبة للعمليات الإرهابية من التفجيرات وغيرها حيث أخذت هذه المجاميع خططاً جديدة الغرض منها إرباك القوات الأمنية وذلك باستخدامها صنوفاً مختلفة من الهجمات كالسيارات المفخخة وقذائف الهاون وفي وقت واحد. فالمطلوب هو ان لا يقتصر اهتمام القوات الأمنية بالمناطق الساخنة فقط.
وان تقتدي الأجهزة الأمنية داخل المدن بقواتنا المسلحة والحشد الشعبي في اليقظة والشجاعة والبسالة والسهر الدائم ليلا ونهاراً لحماية المواطنين ووضع الخطط الفاعلة والتي تتناسب مع خطط الإرهاب التي تتغير بتغير الظروف والأحوال..خصوصا وإننا مقبلين على زيارة مليونية وهي زيارة الإمام الجواد (عليه السلام) وزيارة عرفة في الشهر القادم ..
الأمر الرابع :
مع بدء الوزراء الجدد بأعمالهم فان المأمول ما يلي :
1- الالتفات الى الإخفاقات التي حصلت في العديد من الوزارات ودراسة أسبابها ومعالجتها وتقويم النجاحات التي حصلت في بعضها الاخر والاستفادة منها وتطويرها..
2- الجدية في مكافحة الفساد وبكل أشكاله ومحاسبة المقصرين وعدم المجاملة في ذلك لمجرد انتماء هذا او ذاك للكتلة الفلانية او الحزب الفلاني ، وفي نفس الوقت مكافأة وتشجيع المتميزين والمبدعين والمخلصين في عملهم.
3- الاستعانة باهل الاختصاص والخبرة والكفاءة ومن يحملُ هَمَّ وحُبَّ الخدمة للمواطن ومنحهم الصلاحيات وتكليفهم بإدارة المواقع المهمة وتشجيعهم ومكافأتهم على انجازاتهم.
4- ان لا يكون المعيار في اختيار الأشخاص لمواقع المسؤولية المهمة هو مجرد انتماء هذا الشخص للكتلة او الحزب الذي ينتمي اليه الوزير او كونه من عشيرته او منطقته او قرابته- بل يكون المعيار هو الكفاءة والخبرة وحسن الادارة والشجاعة في اتخاذ القرار فان من الأخطاء السابقة هو قيام بعض الوزراء باستبدال أصحاب الكفاءة ممن يشغلون مواقع أدارية مهمة بأشخاص آخرين لمجرد انتمائهم للحزب او الكتلة او المنطقة او العشيرة التي ينتمي اليها الوزير..
5- التواجد الميداني المستمر والإطلاع على معوقات العمل ومعايشة الموظفين في مهامهم وعملهم والانفتاح على المواطنين للإطلاع عن كثب على احتياجاتهم ومشاكلهم..
نسأل الله تعالى ان يوفقنا لما يحب ويرضى ويدفع عن بلدنا وبلدان المسلمين شرور أعداء الإسلام ويمن عليهم بالعزة والكرامة .. انه سميع مجيب..
|