تطرق ممثل المرجعية الدينية العليا سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي خطيب وإمام الجمعة في كربلاء المقدسة في خطبته الثانية من صلاة الجمعة والتي أقيمت في الصحن الحسيني الشريف في 30 رجب 1435هـ الموافق 30/5/2014م، تطرق متناولا ًثلاثة أمور جاءت كمايلي:
الأمر الاول:
نُذكُرُ بأهمَّ الاسس ِ العامة التي ينبغي اعتمادها في تشكيل الحكومة المقبلة..
أولاً : إشراك جميع مكونات الشعب العراقي في ادارة شؤون البلاد.. من اجل طمأنة هذه المكونات الى انها تمارس دورَها وحقها في هذه الادارة، وانها غير مهمشّة ولا يمارس بحقها الإقصاء في هذا الجانب.. ولكن هذا لا يعني اعتماد مشاركة أي شخص من المكون.. إتكالاً على ولائه الحزبي او الكتلوي او المناطقي - بل اعتماد مبدأ الكفاءة والنزاهة والقدرة على تقديم الخدمة هو الأساس في ذلك.
ثانياً : اعتماد مبدأ المشاورة واشراك الآخرين في الرأي، ومن ثم الحسم وسط الآراء المختلفة باتخاذ ما يصبّ في تحقيق المصالح العامة للشعب العراقي.
الثالث: اعتماد معايير الكفاءة والخبرة والنزاهة والقدرة على الخدمة في اختيار المسؤولين والوزراء ومعاونيهم، دون التركيز على الولاءات الحزبية والكتلوية والمناطقية..
رابعاً: اعتماد الحوار والجلوس الى طاولة التفاوض والتفاهم لحل الازمات والمشاكل وإن طالت الفترة الزمنية وفق سقف معقول لذلك، تحسباً لاحتمال تعقّد الازمة والمشكلة ان اعتمدت لغة التصعيد والتراشق بالاتهامات المتبادلة بين الاطراف المختلفة..
وأخيراً، فإن القيمة الحقيقية لهذه المبادئ ومدى تأثيرها في تحقيق النتائج المرجوة يعتمد على الجدية والحرص على التطبيق من قبل الجميع بعيداً عن اعتمادها كشعارات برّاقة تُسوَّق اعلامياً لغرض الكسب السياسي..
الأمر الثاني :
ما يتعلق بالنزاع بين المركز والاقليم او النزاعات بين المحافظات والمركز.. فإن أيَّ نزاع ٍ من هذا القبيل ، ومن ذلك النزاع في تصدير النفط من جانب، وحجب رواتب الموظفين من جانب آخر.. فان مثل هذه النزاعات يجب الرجوع فيها الى الضوابط الدستورية، فان الدستور هو الحاكمُ الفَصلُ في ذلك.
واذا كانت هناك نزاعات في تفسير المواد الدستورية فيفترض ان تُرْفَعَ الى المحكمة الاتحادية، ولا تُتَخَّذْ قرارات منفردة من هذا الجانب او من ذلك الجانب الاخر..
هذا هو الاساس الذي يجب اعتمادُه إذا أَرَدْنا أَن نبني دَوْلَة ً وفق أسس ٍ صحيحة ومناسبة، وهو التحاكم الى الدستور في القضايا النزاعية.. واذا كانت هناك اشكالية ٌ فيما تتعلق بالمحكمة الاتحادية او في قراراتها؛ فيجب ان ترفع الى مجلس النواب ويتم اتخاذ الاجراءات القانونية في المجلس ومن جملة ذلك الاحتياج الى الاسراع بإقرار قانون المحكمة الاتحادية الذي سبق الحديث عنه.
واما اتخاذ القرارات المنفردة من هذا الطرف او ذلك الطرف الآخر فانه سيعمِّق النزاع ويعقده أكثر..
الأمر الثالث :
ما يتعلق بالشكاوى الكثيرة من عدد كبير من اهالي مدينة البصرة فيما يعانونه من نقص في خدمات اساسية وحرمان من كثير من الحقوق وهي مسألة تعم كثير من المحافظات، ولكن التعرض في هذا الحديث بخصوص مدينة البصرة لخصوصية لها وهي :
ان اغلب الواردات المالية للعراق – واردات النفط - تأتي من مدينة البصرة، وهذا يعني ان الكثير من الخير والمشاريع التي تبنى بهذه الاموال انما هي من مدينة البصرة.. فإن 70-80% من صادرات العراق النفطية هي من مدينة البصرة، وبالتالي فإن لها حقوق لعلها – بسبب هذه الخاصية- تجعلها مقدّمة على بقية مدن العراق.. والوجه من ذلك.. ان لعمليات استخراج النفط تأثيرات ضارة على المدينة واهلها ومنها التلوث البيئي الذي يسبب الكثير من المشاكل الصحية والبيئية، وبالتالي فان لها حقاً مقدّما ً في :
1- التنمية والتطوير
2- تحصينها من آثار التلوث وانتاج النفط
3- حقها في الخدمات
4- حقها في تشغيل الايدي العاطلة عن العمل
ومن المهم – لأجل حل هذه المشكلة- دراسة الاسباب التي تؤدي الى تأخير ما هو مطلوب من هذه الحقوق.. ولعل من جملة هذه الاسباب :
1- حل النزاعات بين الحكومة المحلية والمركز بما يتوافق مع الاحكام الدستورية، وهذا ما اشرنا اليه في الفقرة الاولى.. وهذه مسألة تتعلق ببقية المحافظات.
2- تذويب الانتماءات الحزبية بين مسؤولي المحافظة جميعاً.. وهذه المسألة عامة وليست خاصة بالبصرة، فنرى ان النزاعات السياسية بين الكتل السياسية التي ينتمي اليها مسؤولو أي محافظة فيعكس على الاداء الخدمي واتخاذ القرارات بيد مسؤولي المحافظة، وهنا نحتاج الى العمل بروح الفريق الواحد الذي يشعر بالانتماء الواحد للمحافظة وللبلد ولأهالي تلك المحافظة، فان العمل واتخاذ القرار وفق ما تمليه مصلحة الكتلة سيؤدي الى التناحر والتنازع وتشتيت الجهود.
3- لابد من اعتماد الدراسات العلمية التي تقدمها مراكز البحوث والدراسات الاستراتيجية، وتقبّل الملاحظات والانتقادات من الاطراف العلمية والبحثية.
4- لابد من الاخذ بنظر الاعتبار تبني استراتيجية معالجة الفقر او تخفيف منتظم ومتواصل لمستويات الفقر ومعالجة او تخفيض نسبة البطالة خصوصاً بين الشباب، فان ازمة البطالة اخذت تؤثر حتى اجتماعياً ونفسياً على شخصية الشباب.