تناول ممثل المرجعية الدينية العليا سماحة السيد أحمد الصافي خطيب وإمام الجمعة في كربلاء المقدسة في خطبته الثانية من صلاة الجمعة والتي أقيمت في الصحن الحسيني الشريف في 23/رجب/1435هـ الموافق 23 / 5 / 2014 م أمرين جاءت كما يأتي:
الأمر الأول:
بعد فرز نتائج الانتخابات وحصول بعض الاخوة المرشحين على عضوية مجلس النواب وهذه العضوية المهمة اعتقد ان لابد من الالتفات الى بعض النقاط:
1- هو الابتعاد عن المكاسب والامتيازات الشخصية والسعي الحثيث الى المصالح العامة.
الناس اندفعت للانتخابات وقطعاً عندها طموح.. بعض المرشحين لم يوفق .. البعض جاء بأصوات قد تكون متواضعة.. لكن بالنتيجة الآن بعد ان خرجت النتائج سيجلس على مقاعد مجلس النواب.. النائب دائماً عندما يفكر ان المصالح العامة هي وراء سبب مجيئه الى هذا المكان وليس المصلحة الخاصة ودائماً يشغل باله في هذه القضية، يتعامل على ان هذا الموقع هو موقع خدمة ومسؤولية، اليوم هو ازاء عمل وازاء جهد.. القيمة الحقيقية إزاء ما يبذل، كلما كان عاملاً كانت قيمته أكبر وأكثر.
2- ان يقوم الأخوة الأعضاء بدورهم من خلال معرفتهم الكاملة بمسؤوليتهم .. ماذا يُراد من عضو المجلس؟ ان اعرف مسؤوليتي.. الحضور المستمر، وعدم جعل المجلس دائماً يفتقر لهذا النائب سواء كان الحضور في الجلسات او في الأجواء العامة التي يمر بها البلد.. فهي تحتاج الى رؤية والى موقف.. لابد ان يفعّل هذا النائب قدراته في ذلك.
3- تفعيل المكاتب الشخصية لكل عضو سواء كان في المحافظة التي ترشّح منها او في عمله ومقصود من التفعيل هو ان يستعين بخبراء وكفاءات حتى تبيّن له حقيقة الموقف.. عندما يكون في موقف يحتاج الى تصويت مثلا ً لابد ان يكون هذا التصويت عن قناعة حقيقية، ويعتبر رفع اليد بالإيجاب او عدم رفعها بالسلب هو موقف ليس فيه مجاملة وانما هو موقف نابع من قناعته وقدرته على التشخيص .. اذا كان لا يستطيع لابد ان يفعّل المكتب الخاص له، وان يستعين بخبراء مهمين في كل القضايا المطلوبة.. والآن فرصة عند الأخوة قبل البدء بأن فعلا ً يبدؤون بتنشيط هذا الوضع والاستفادة من التجارب الماضية.. لا يمكن لنائب ان يجلس في مكان وهو لا يعرف وظيفته تماماً.. ولا مستعد ان يطوّر نفسه ايضاً.. قطعاً سيكون كلّاً على المجلس..
الأمر الثاني:
بعض المواضيع تكلمنا فيها سابقاً ولكن يبدو عدم تفاعل الأخوة بمطالب قد تكون مصيرية وقد تكون مسائل إستراتيجية او وجود بعض الرغبات السياسية لعرقلة بعض الأمور..
طبعاً العراق كانت فيه الصناعات بسيطة تهم حياة الفرد اليومي، لكن هذه الصناعات اختفت لسبب او لآخر.. بعضها مختفي من سنين لكن لم تعاد لها الحياة مع وجود طاقات بشرية.. مثلا ً كان عندنا صناعات النسيج وصناعات التعليب وصناعات الزجاج وبعض صناعات البتروكيمياويات وأمثال ذلك من الصناعات..
أقول الدولة أمام قضيتين: اما ان تتبنى هذه المشاريع الصناعية المتوسطة او تتركها الى القطاع الخاص، لكن اذا تركتها الى القطاع الخاص لابد من الدعم لأن هذا يدخل في قضية الناتج القومي والامن القومي والامن الصناعي الذي لابد من توفره للبلد.
والجانب الثاني هو الجانب الزراعي.. كم تكلمنا عن الجانب الزراعي.. و ليس المقصود هو ان ندعم ونعطي للجهة الزراعية المال فقط ، وانما لابد ان تكون عندنا منظومة متكاملة في الدعم بمعنى ان انت تدعم الفلاح لكن لابد ان تبحث عن سبب عدم استغلال الارض.. انت تدعم الفلاح لكن لابد ان تبحث عن سبب تركه للمزرعة وان يعمل في المدينة.. هذه الاسباب عندما تشخّص ستكون عند الداعم رؤية متكاملة..
الان انت عندما تدعم الفلاح وتعطيه مال سيقول لك ليس المشكلة في المال فالمال جزء من المشكلة ولكن ليس كل المشكلة.. الفلاح يقول هذا الجهد الذي انا ابذله عندما أأتي الى مكان التسويق اجد المنتوج الاجنبي اقل سعراً ، فأنا احتار حتى في دفع اجرة السيارة التي نقلت فيها المنتوج.. هذا ليس دعماً للفلاح وانما هذا تدمير للاقتصاد الزراعي بطريقة او بأخرى.
ليس المشكلة توفّر الحاجة في السوق وإنما المشكلة كيف توفرت.. ما هي السبل التي وفرتها.. في مقابلها ماذا أعطيت حتى يكون المستورد بهذا السعر الرخيص.. أي شيء ذهب في مقابل هذا السعر الرخيص؟!
هل هي صدقات من الدول الأخرى ؟! اذا كانت صدقة يفترض ان ترفض فانت بلد غير فقير واذا في مقابل شيء لابد ان تبحث عن الشيء، فمن غير المعقول تفريغ العراق من نظرة اقتصادية صناعية بالحد الادنى ومن نظرة زراعية.. هذا أمر غير معقول.. مع المخاطر الكبيرة التي يتنبأ بها الاقتصاديون.. أين الرؤية في هذا الجانب؟!
التبعية ليس تبعية سياسية فقط هناك تبعية اقتصادية وغذائية وبالنتيجة الجهة التي تعطيك الغذاء ستفرض عليك أشياء لا تستطيع ان تقول (لا) لأنها ستحاربك في لقمة الناس والشعب.. يا أيها المسؤول يجب ان تضع رؤية واضحة.. الأراضي الآن بدأت تبكي وتئن من الإهمال..
أنا أقولها للتاريخ الآن مجلس النواب أمام استحقاق مهم وهذه المسؤولية مناطة به بالدرجة الأساس لأن منه تنبثق الحكومة ومنه تتشكل الوزارات عن طريق التفاهمات توضع سياسة للبلد..
مجلس النواب أمام مسؤولية لابد ان تكون له رؤية بالمسائل المصيرية والأساسية في البلد، والآن أمامكم هذه الفترة .. والنقطة الأولى لا تقول لا اعرف فأنت جلست في موقع لابد ان تعرف.. انت غير معذور في ذلك.. المعلومة الآن من السهل الحصول عليها وانا لا أتحدث عن جهة اسمها وزارة الصناعة او وزارة زراعة.. انا أتحدث عن حالة بلد لابد ان تكون فيه جانب من الصناعة لا بأس به ما يعطينا حالة الاحتياج.. وأيضا قضية الزراعة فمن المعيب على العراق ان يستورد الخضار الذي ممكن ان يزرع في البيوت.. من المعيب في العراق الآن ان يستورد التمور وهو بلد التمور..
الآن بعض الأخوة أصحاب البساتين يشكون من أمراض النخيل.. المشكلة بعض الأخوة المسؤولين عن المحافظة حقيقة لا يكون عنده حرص في المهنية، فعندما تصعد هذه الطائرة تكافح تأتي للمكانات الموبوءة تفرغ محتواه وتقول سجلنا طلعة..
المشكلة اكبر من هذا، فكر.. هذا بلد وهذا منتوجنا .. وهذه زراعة الأجداد فقبل( 30) أو ( 40 ) سنة العراق يصنّف الأول في النخيل.. مع تطور المكننة وزيادة الأموال العراق يملك رصيد متواضع في النخيل..
أنا أتحدث عن أعمق من ذلك أنا أتحدث عن خطورة في الاقتصاد والصناعات الوسطية وفي الزراعة.. أنا اعرض هذه أمام مجلس النواب .. البلد أمانة في أعناقكم زراعياً واقتصادياً أمانة عندكم .. الهمّة والوطنية والإخلاص يجعل بلدنا بخير.. والبلد مملوء من الكفاءات والخبرات العراقية.