تبذل العتبتان المقدستان جهداً دؤوباً من أجل ترسيخ الثقافة القرآنية وتجذيرها بين فئات المجتمع، ومن تلكم الفئات والطبقات التي أُوليت لها أهميةٌ بالغةٌ هم طلبة الجامعات والمعاهد العراقية، ومن هذا المنطلق وتطبيقاً لقول الرسول الأكرم محمد(صلى الله عليه وآله): (مَنْ قرأ القرآنَ وهو شابٌّ مؤمنٌ اختلط القرآنُ بلحمه ودمه، وجعله الله مع السفرة الكرام البررة، وكان القرآن حجيزاً عنه يوم القيامة.....)، قامت العتبتان المقدستان الحسينية والعباسية متمثلة بمؤسساتها القرآنية (دار القرآن الكريم في العتبة الحسينية ومعهد القرآن الكريم في العتبة العباسية المقدسة) وبالتنسيق مع شعبة العلاقات الجامعية في العتبة العباسية المقدسة، قامتا بتبنّي مشروع قرآنيٍّ يحوي منهاجاً قرآنيّاً متكاملاً وُضِع بإشرافهما وبالتنسيق مع رؤساء الجامعات وعمداء المعاهد والكليات العراقية.
معاون مدير معهد القرآن الكريم في العتبة العباسية المقدسة الشيخ جواد النصراوي بيّن لشبكة الكفيل: "بعد أن كان العمل القرآني الخاص بعتبات كربلاء المقدسة في الجامعات العراقية يعمل بشكل منفصل، ومن أجل توحيد الرؤى القرآنية بينهما قررت الأمانتان العامتان للعتبتين المقدستين الحسينية والعباسية أن يكون العمل القرآني مشتركاً من خلال المشروع القرآني في الجامعات والمعاهد العراقية".
مُضيفاً: "المشروع يهدف إلى توجيه وتنشئة أجيال قرآنية قادرة على حمل القرآن الكريم كمنهج حياة يشمل الكثير من النشاطات، منها: دورات التلاوة والمؤتمرات القرآنية والمسابقات والمحافل وكل ما يتعلق بالقرآن الكريم، وفعلاً تمّ فتح العديد من دورات التلاوة وقد بلغ عدد المشاركين فيها ما يقارب (1350طالباً)، ويشرف عليها أساتذة قد تخرّجوا من الدورات القرآنية التخصصية التي أقامها كلٌّ من الدار والمعهد المذكورين، وقد أقيمت هذه الدورات بعد استحصال موافقة الجامعات والمعاهد والتنسيق معهما بهذا الخصوص، حيث تم إجراء العديد من الزيارات لوفود اللجنة المشرفة على هذا المشروع والمخاطبات الرسمية من مكتب الأمينين العامين للبدء بتسجيل الطلبة الراغبين في الانضمام الى المشروع القرآني من خلال الدورات القرآنية التي تقام في الجامعات، وشملت الزيارة كلّاً من الجامعة المستنصرية وجامعة واسط وجامعة ميسان وجامعة البصرة وجامعة ذي قار وجامعة القادسية والجامعة التكنولوجية وجامعة بغداد".
وأضاف النصراوي: "تعمل العتبتان المقدستان على تهيئة كافة المستلزمات التي تحتاجها هذه الدورات من المصاحف والقرطاسية وكل ما يحتاجه العمل، ومن الأنشطة الخاصة بالمشروع هي المحاضرات العامة المكثفة في علوم القرآن الكريم، وهذه المحاضرات تتم من خلال الزيارات الخاصة بطلبة الدورات، حيث قُسّموا الى مجموعات يفدون لزيارة الإمام الحسين وأخيه أبي الفضل العباس(عليهما السلام) أيام العطل، وتعطى لهم محاضرات مكثفة في علوم القرآن الكريم، مثل: تاريخ القرآن وتدوينه وأشياء عامة تعطي للطالب حصيلة إجمالية عن علوم القرآن، كذلك تقام أمسية قرآنية لكلّ وفد زائر في الصحن الشريف، وسوف تقام العديد من النشاطات في القادم من الأيام".
من جهته ثمّن مساعد رئيس جامعة الكوفة الدكتور محمد صبار الجهود المبذولة من قبل العتبتين المقدستين في خدمة شريحة الطلبة في العراق، داعياً الى إقامة المؤتمرات والندوات العلمية التي تعنى بالقرآن الكريم ونشر فكر ومنهج أهل البيت(عليهم السلام)؛ لما لها من الأثر الواضح والتطور الكبير الذي ظهر على مستوى الطلبة وأداء الأساتذة في جامعة الكوفة بفضل المؤتمرات السابقة التي أقامتها الدار في الجامعة".
فيما رحّب عميد كلية الدراسات القرآنية في جامعة بابل الأستاذ الدكتور علي عبد الفتاح بهذه المبادرة الهادفة لرعاية طلبة الجامعات وتهذيب أفكارهم عبر إقامة الدورات القرآنية، موضّحاً: "إن الواقع الذي يعيشه الطلبة في المؤسسات التعليمية التابعة لوزارة التعليم العالي، وما يحيط به من ظروف عالمية ومحلية تعصف به؛ صار من اللازم وجوباً أن تُتّخذ مناهج القرآن الكريم مناراً للطالب كي تحافظ عليه لكي لا ينزلق في الملذات والشهوات".
الطلبة من جانبهم شكروا الأمانتين العامتين للعتبتين المقدستين على هذا المشروع المبارك الذي عدّوه فرصة لا يمكن أن تفوّت، خاصة وأنها تمكّن المشاركين من تعلّم خير العلوم وأشرفها، وهو ذو نفع كبير في الدنيا والآخرة -على حدّ تعبيرهم-.